تمكين الشباب/ نفيسة أحمد دولة

تمكين الشباب: استثمار أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية


إن الشباب، هو الخزان الحقيقي للطاقة والحيوية، يمثلون بلا شك محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتشير الدراسات والتجارب المتراكمة إلى أن تمكينهم هو أحد أفضل الاستثمارات طويلة المدى لازدهار الأمم. ومن خلال دعم وتشجيع الشباب على اتخاذ مبادرات في حياتهم الأكاديمية والمهنية، فإننا لا نعزز تطورهم الشخصي فحسب، بل نعزز أيضًا التقدم الاجتماعي والاقتصادي الشامل والإستقرار الأمنى، الإن إستثمارنا في شبابنا هو استثمارنا في أمننا.
 
التمكين: محرك لتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية
إن الهدف الأساسي لعملية تمكين الشباب هو دعمهم بشكل فعال في اتخاذ المبادرات والقرارات المستنيرة. ويشملّ ذلك توفير فرص التعلم لهم، وتعزيز مهاراتهم، وزيادة الوعي بالأساليب العلمية والعملية المقبولة. ويهدف هذا الدعم أيضًا إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وإدماج النساء والفتيات في برامج التنمية المختلفة. وفي نهاية المطاف، يساهم تمكين الشباب في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، والقضاء على الفقر و التطرف، وبناء مجتمع أكثر إستقرار.
وترتكز نظرية التمكين على المشاركة النشطة والفعالة للشباب. ويشمل ذلك تعزيز قدرتهم على اتخاذ قرارات المناسبة، وخلق فرص للتعلم والممارسة، وتحسين مهاراتهم. وتؤدي هذه العملية إلى مجتمع ناضج فكريا وعمليا قادرا على دعم عملية التنمية المستدامة.
التنوع الاقتصادي والتكوين المهني

وفي اقتصاد متنوع و بدائي كاقتصادنا، من المهم التركيز على القطاعات القادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الشباب، سواء كانوا متعلمين أو غير متعلمين لكي نحقق تساوي الفرص بين الجميع، من خلال توفير مهن و وظائف تتكيف مع مهارات وخبرات الشباب.
ويجب إيلاء اهتمام خاص للتكوين المهني، حيث يتفق الخبراء على أن زيادة معدل تدريب الشباب له تأثير كبير على نمو الدخل القومي. ومن خلال الاستثمار في التكوين، تستطيع البلدان تحسين مهارات الشباب ما يعزيز مساهمتهم في التنمية و تحقيق الرخاء الاقتصادية.
 
القطاعات الرئيسية المتاحة لنا لتمكين الشباب
 
القطاع الزراعي:


وقد أظهرت المبادرات الأخيرة في القطاع الزراعي نتائج واعدة. وحققت مشاريع مثل زراعة الخضروات والبطيخ الذي تم تصديره إلى الأسواق الأوروبية، وكذلك نجاح تجربة زراعة القمح. مايستدعي منا إنشاء تعاونيات زراعية للشباب، بتمويل من الصناديق السيادية، وتوفير المدخلات والتقنيات الزراعية لتحسين الإنتاج. ومن خلال إنشاء هذه التعاونيات، يمكن أيضًا تطوير آليات للتغلب على التحديات المحتملة أثناء عملية الإنتاج والتسويق.
 

قطاع الثروة الحيوانية:


كما يوفر قطاع الثروة الحيوانية فرصا كبيرة للشباب. و يمكن هنا أيضاً إنشاء التعاونيات الرعوية التي تعمل على  تطوير الإنتاجية من خلال تحسين السلالات الحيوانية وجودة الأعلاف واستراتيجيات التسويق. ومن شأن مثل هذه المبادرات أن تساعد في توفير فرص العمل للشباب الريفي، وبالتالي الحد من هجرتهم إلى المدن.

قطاع الصيد البحري:


بالنسبة لقطاع الصيد، من الضروري وضع خطط لتدريب شباب المدن الساحلية على مهن الصيد وتنمية الموارد السمكية. ومن خلال دمج الشباب في الخدمات المرتبطة بمصايد الأسماك، مثل المعالجة والتنظيف و والتعبئة والتبريد و غيره،مما يسهم في خلق فرص لتعاونيات و شركات ناشئة للدخول السوق و توفير فرص عمل لشباب و تحسين جودة الخدمات و تطويريها. ما من شأنه المساعدة في امتصاص البطالة و يخلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.


قطاع التعدين الأهلي:

 
وفي قطاع التعدين، يمكن ان اتخاذ سياسات جديدة، كتفعيل آليات التمويل لتمكين الشباب من اقتناء الآلات والمعدات اللازمة. مع مراعاة التمييز الأيجابي للطبقات الهشة لضمان مشاركتهم الفعالة. ومع التوسع في قطاعي الغاز والنفط، من الضروري تدريب كفاءات شابة مؤهلين لتولي مسؤولية هذه الموارد والاستعداد لمرتنة الوظائف و القيام بمختلف الأدوار بأيادي وطنية .
 

قطاع الخدمات:


ويتيح قطاع الخدمات، وخاصة الاقتصاد الرقمي والسياحة و الثقافة، فرصا كبيرة. في بلادنا، على سبيل المثال، يمكن أن يوفر تطوير الاقتصاد الرقمي والسياحة و الثقافة العديد من الفرص للشباب، وذلك بفضل الميزات النسبية التي تتمتع بها البلاد في هذه المجالات.
التزام الحكومة بتمكين الشباب
يعد تمكين الشباب هدفًا ذا أولوية للعديد من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والبرامج الدولية.  و في بلادنا ، شمل البرنامج الرئاسي لفخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني على محاور مهمة جداً و هادفة.  تركز  هذه المبادرات أساساً إلى تحسين الظروف المعيشية للشباب وتعزيز إدماجهم في عملية التنمية الوطنية.
لذلك فإن تمكين الشباب أمر ضروري لتحقيق التنمية  المستدامة.  من خلال منحهم الفرص في مختلف القطاعات الرئيسية والاستثمار في تكوينهم وتكاملهم المهني، فإننا نساهم ليس فقط في نجاحهم و بناء مستقبلهم، ولكن أيضًا في بناء مستقبل المجتمع ككل. ولا ينبغي أن يكون دعم الشباب أولوية فحسب، بل يجب أن يشكل أيضاً استثماراً استراتيجياً لبناء مستقبل مزدهر وعادل ينعكس على المجتمع كاملاً .